الأخضر ليس دائمًا إشارة عبور
لا يقتصر تأثير الألوان على الجانب الجمالي في حياتنا، بل يتعدّاه إلى التأثير العميق في مشاعرنا وسلوكياتنا من دون أن ننتبه. فاللون قادر على إثارة شعور بالراحة أو القلق، بالثقة أو الشك، ويؤثر في طريقة تلقّينا للمعلومات وفهمنا لها
لكن، ماذا لو كان هذا اللون هو الأخضر، لون تطبيق"واتساب"الذي تحوّل في الأزمات إلى مصدرٍ للأخبار والمعلومات؟
كيف يمكن للّون الذي نراه يوميًا أن يتسلّل إلى وعينا فيمنح ما نقرأه طابعًا من المصداقية؟
تقول الدكتورة فاطمة شريم الاخصائية في علم النفس
عندما نتأمل في اللون الأخضر، وهو اللون الذي يميّز تطبيق “واتساب”، نُدرك أنه يؤثّر على أدمغتنا بطرق غير واعية. هذا التأثير الخفي يمنح المعلومات التي تُقدَّم ضمن هذا الإطار اللوني نوعًا من المصداقية، لمجرد اقترانها بلون اعتدنا ربطه بالحقيقة والصحة
ولو عدنا قليلًا إلى ثقافتنا وتجاربنا منذ الطفولة، لوجدنا أن اللون الأخضر ارتبط دائمًا في أذهاننا بما هو صحيح وآمن. فهو لون إشارة المرور التي تعني “انطلق”، ولون الطبيعة التي ترمز إلى الحياة، كما أنه ارتبط بعلامة “الصواب” التي تُستخدم للدلالة على الإجابة الصحيحة أو الفعل السليم. في المقابل، ارتبط اللون الأحمر أو الأسود بما هو خاطئ أو مرفوض
إلى جانب هذه الدلالات الثقافية، يُعدّ الأخضر أيضًا لون الراحة والطمأنينة النفسية. لذلك يُستخدم بكثرة في الأماكن التي تستدعي شعور الإنسان بالسكينة، مثل المستشفيات والمدارس، لما له من قدرة على تقليل التوتر وتهدئة الأعصاب
:تضيف شريم
من هنا، نجد أن اللون الأخضر يجمع بين بعدين أساسيين
أولهما بعُد ثقافي تشكّل في وعينا منذ الصغر
وثانيهما بعد نفسي إدراكي، إذ أثبتت الدراسات في علم النفس الإدراكي أن للألوان رموزًا بصرية تؤثر في مشاعر الإنسان وتقييمه للمعلومات
وعليه، حين تصلنا أي معلومة بلون الأخضر، يبدأ اللاوعي لدينا بخداعنا، فنميل إلى تصديق الاخبار دون التحقق منها، فقط لأن هذا اللون يوحي لنا بالثقة والصدق. وفي إطار علم النفس الإدراكي، نجد أن عقولنا ربطت هذا اللون بكل ما هو صائب وآمن، ما يفسّر سرعة قبولنا للمعلومات التي تأتي ضمن هذا الغلاف البصري، حتى وإن كانت خاطئة